الجمعة، 7 أغسطس 2015

عباس محمود العقاد.. عملاق الأدب العربي الذى لم يكمل تعليمه

"أنا لا يهمنى كم من الناس أرضيت، ولكن يهمنى أى نوع من الناس أقنعت"

عباس محمود العقاد: أديب كبير، وشاعر، وفيلسوف، وسياسي، ومؤرخ، وصحفي، وراهب محراب الأدب، والذي ذاع صيته فملأ الدنيا بأدبه، ومثَّل حالة فريدة في الأدب العربي الحديث ووصل فيه إلى مرتبة فريدة.

وُلِدَ «عباس محمود العقاد» بمحافظة أسوان في حزيران 1889م. وكان والده موظفًا بسيطًا بإدارة السجلات ومحباً للقراءة ولفت نظره شغف ابنه الصغير بها، لذلك بدأ بتعليمه مبادئ القراءة والكتابة وشراء الصحف والمجلات والكتب قدر المستطاع لتزداد ثقافته، ثم ألحقه بالتعليم الابتدائى.

وألمّ عباس بقدر غير قليل من مبادئ اللغة الإنجليزية حتى نال الشهادة الابتدائية بتفوق وأتاح له ذلك قراءة الأدب الإنجليزي مباشرة. وقال حينئذ عن نفسه:

 "عرفت قبل أن أبلغ العاشرة أني أجيد الكتابة وأرغب فيها، ولم ينقطع عني هذا الشعور بعد ذلك إلى أن عملت بها واتخذتها عملاً دائماً مدى الحياة ".  

وحدث أن زار المدرسة الإمام الشيخ محمد عبده وعرض عليه مدرس اللغة العربية الشيخ فخر الدين كراسة التلميذ عباس العقاد، فتصفحها باسماً وناقش العقاد في موضوعاتها ثم التفت إلى المدرِّس وقال: " ما أجدر هـذا الفتى أن يكون كاتباً بعد! ".  واكتفى العقاد بحصوله على الشهادة الابتدائية، غير أنه عكف على القراءة وثقَّف نفسه بنفسه؛ حيث حَوَتْ مكتبته أكثر من ثلاثين ألف كتاب.

العمل الصحفي

 وفي سنة 1905 عمل بالقسم المالي بمدينة قنا، وبدأ العقاد إنتاجه الشعري مبكراً قبل الحرب العالمية الأولى سنة 1914. وفي سنة 1906 عمل بمصلحة البرق، ثم ترك عمله بها واشترك سنة 1907 مع المؤرخ محمد فريد وجدي في تحرير "مجلة البيان"، ثم في "مجلة عكاظ " في الفترة بين سنة 1912 حتى سنة 1914، وفي سنة 1916 اشترك مع صديقه إبراهيم عبد القادر المازني بالتدريس في المدرسة الإعدادية الثانوية بميدان الظاهر.

وظهرت الطبعة الأولى من ديوانه سنة 1916، ونشرت أشعاره في شتى الصحف والمجلات. وتوالى صدور دواوين شعره: وحي الأربعين- هدية الكروان- عابر سبيل، وقد اتخذ فيها من البيئة المصرية ومشاهد الحياة اليومية مصادر إلهام. 

كان العقاد مغواراً خاض العديد من المعارك؛ ففي الأدب اصطدم بكبار الشعراء والأدباء، ودارت معركة حامية الوطيس بينه وبين أمير الشعراء «أحمد شوقي» في كتابه «الديوان في الأدب والنقد»، كما أسس «مدرسة الديوان» مع «عبد القادر المازني» و«عبد الرحمن شكري»؛ حيث دعا لتجديد الخيال والصورة الشعرية والتزام الوحدة العضوية في البناء الشعري. كما هاجم الكثير من الأدباء والشعراء مثل «مصطفى صادق الرافعي». كذلك كانت له معارك فكرية مع «طه حسين» و«زكي مبارك» و«مصطفى جواد» و«بنت الشاطئ».

وفى إنتاجه النثري كتب: الفصول- مطالعات في الكتب والحياة- مراجعات في الأدب والفنون. 

 


 حياته السياسية

شارك العقاد بقوة في معترك الحياة السياسية؛ فانضم لحزب الوفد، ودافع ببسالة عن «سعد زغلول»، ولكنه استقال من الحزب عام 1933م إثر خلافٍ مع «مصطفى النحاس». وهاجم الملكَ أثناء إعداد الدستور بتهمة العيب فى الذات الملكية، فحينما أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسؤولة أمام البرلمان، وارتفع صوت العقاد من تحت قبة البرلمان قائلاً :



"إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه".

فسُجن تسعة أشهر. كما اعترض على معاهدة 1936م. كذلك حارب الاستبداد والحكم المطلق والفاشية والنازية.

 إنتاج أدبي وثقافي استثنائي

"لا أحب الكتب لأنني زاهد فى الحياة،
ولكنني أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني"
بعد أن توقفت جريدة الضياء في عام 1936م، التي كان يعمل بها توجه إلى تأليف الكتب بشكل غزير في شتى فروع الأدب، فقد أنتج خلال هذه الفترة غالبية إنتاجه الفكري وقد قدم للمكتبة العربية 75 كتاباً من أصل 100 كتاب حملت اسمه خلال مشواره، فمن إنتاجه النثرى كتب "الفصول".

مطالعات في الكتب: الحياة، مراجعات فى الأدب والفنون وكتب السلسلة: سير الأعلام، الشخصيات الإسلامية، العبقريات والفلسفة الإسلامية، كتب ”الله، الفلسفة القرآنية، إبليس، الإسلام وأباطيل خصومه، التفكير فريضة إسلامية”، بالإضافة إلى دواوين الشعر، ورواية واحدة فقط بعنوان”سارة”.

يمكن تحميل كتب العقاد من خلال الرابط

قصة حب واحدة

قصة حب واحدة فقط التي لم ينسها العقاد طيلة حياته وجعلته زاهداً فى المرأة هى قصة حبه لسارة والتى كتب عنها رواية تحمل اسمها، متحدثاً عن مأساته مع الحب 

”الغش عند المرأة كالعظمة عند فصائل الكلاب، يعضها الكلب المدلل ويدخرها حيث يعود إليها، وإن شبع جوفه من اللبن واللحم والأغذية المشتهاة، فالمرأة من هؤلاء تشتهي العظمة بجوع عشرين ألف سنة، وتشتهي اللحم واللبن بجوع ساعات”.

فقد كانت سارة أقرب إنسانة إلى قلبه لأنها كانت صريحة وطبيعية مع انفعالاتها، مليئة بالإحساس العاطفي.

لذلك عندما طلبت مجلة ”آخر ساعة” إجراء حوار مع العقاد طلب حضور الفنانة ”هند رستم”، وعرف هذا الحوار بـ”لقاء بين العقل .. والإغراء”، ونشر هذا اللقاء فى 18 كانون الأول 1963، وأجراه الصحفى كمال سعد.



التكريم فى حياته

منح  العقاد عضوية ”مجمع اللغة العربية” بالقاهرة، بالإضافة إلى أنه كان عضواً مراسِلاً ﻟمجمع اللغة العربية في دمشق ومثيله ببغداد، ومُنح ”جائزة الدولة التقديرية في الآداب” غير أنه رفض تسلُّمها، كما رفض ”الدكتوراه الفخرية” من جامعة القاهرة.

وأخيراً للعقاد لقاء تلفزيوني وحيد خلال فترة الستينات مع الإعلامية أمانى ناشد يستعرض فيه العقاد معها بعض المواقف التى عاشها وتعلم منها.

يمكن سماعه من هذا الرابط:



من جمع حياته فى روحه لم يرهبه الموت إلا كما يرهب المرء من تبديل كساء بكساء
فقد رحل العقاد عن عالمنا فى 12 آذار 1964م، بعد أن ترك إرثاً كبيراً.

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More