الأحد، 16 أغسطس 2015

فراشات الأمازون تشرب دموع السلاحف والتماسيح



 الفراشات هي حشرات حباها الله بجمال لم يوهب لغيرها من الحشرات، بجمال أجنحتها وطبيعة غذائها، وتناقلها بين الزهور والورود الجميلة بحثاً عن غذائها، لذا فتن بها الناس والشعراء على مر العصور.

من الظواهر الطبيعية المدهشة، والتي من الصعب للغاية مشاهدتها على الطبيعة، وفي عمق غابات الأمازون الغربية المطيرة تعيش فراشات تشرب من دموع السلاحف. والسبب ليس لمواساة الزواحف الدامعة أو العطش أو ندرة المياه، خاصة وأنها تعيش حول نهر الأمازون، ولكنها هنا لتتغذى عليها وتحصل على المواد الغذائية والأملاح مثل الصوديوم وغيرها من المعادن التي هي بحاجة لها لإنتاج البيض والتمثيل الغذائي.


وفي مشهد غير عادي، تجتمع أسراب من الفراشات حول عيون السلاحف في النهر الأصفر بينما السلاحف المسكينة تحاول جاهدة إبعادها، ولكن هذه الفراشات العنيدة لا تبتعد عنها حتى تشبع من دموعها.


ويقول فيل توريس، وهو عالم في مركز تامبوباتا للبحوث في بيرو، أن الفراشات تنجذب إلى دموع السلاحف، لأن قطرات السائل تحتوي على الصوديوم والمعادن التي تندر في منطقة الأمازون الغربية. بينما تحصل السلاحف على الكثير من مادة الصوديوم من خلال نظامها الغذائي كونها من آكلة اللحوم، والفراشات العشبية تحتاج إلى مصادر معدنية إضافية.


وأوضح توريس أن غابات الأمازون الغربية المطيرة تقع على بعد أكثر من 1000 ميل من المحيط الأطلسي الذي يعتبر المصدر الرئيسي للأملاح. كما أن المنطقة بعيدة عن المصادر المعدنية المتوفرة في جبال الانديز. ومعظم هذه المعادن التي يحملها الهواء يقضي عليها المطر قبل أن تتاح لها الفرصة للوصول إلى غرب الأمازون. هذه العوامل تؤدي إلى انخفاض شديد في مستويات الصوديوم. وبالتالي فإن الفراشات توجهت إلى أفضل مصدر متاح أمامها وهو دموع السلاحف وبول الحيوانات، والوحل في ضفاف النهر والبرك، والملابس التي تفوح منها رائحة العرق.


ويقول توريس أنه من غير الواضح حتى الآن، ما إذا كانت السلاحف تتضرر أو تتألم من هذه العملية. لكنه لا يتوقع أن هذا الأمر سيضر بهذه البرمائيات الكبيرة ولكنها على الأرجح قد تعيق رؤيتها لدقائق مما يجعلها عرضة للفرائس.


جيف جاليس، وهو طالب جامعي يتخصص في دراسة علم الحشرات بمتحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي، درس هذه الظاهرة، ويقول إن السلاحف لديها ما يكفي من الدموع لتغذية الفراشات، وذلك ببساطة لأن الفراشات تأخذ القليل جدا. وأضاف بأن الفراشات ليست الحشرات الوحيدة التي تمتص دموع السلاحف، فالنحل أيضا يتغذى من دموعها ليأخذ ما يحتاجه من الأملاح المعدنية والأحماض الأمينية، وهذه الحشرات هي الأكثر إزعاجا بسبب الطنين الذي تصدره.


هذه الظاهرة الطبيعية المدهشة لا تحدث في أي مكان آخر، وهي خاصة بمنطقة الأمازون الغربية.




وفي مشاهدة نادرة وغريبة من نوعها، التقط مجموعة من العلماء ﺑ «محطة لا سيلفا للعلوم الحيوية» بكوستاريكا صوراً لتمساح بدا مُسْتسلماً لفراشةٍ ونحلةٍ وهما ينهلان من دموعه لمدة دامت نحو ١٥ دقيقة؛ الأمر الذي أثار الأسئلة حول ظاهرة التغذِّي على الدموع، المعروفة لكن غير المفهومة جيدًا.


فمن المعروف أن عددًا من الحشرات، بما فيها الفراشات والنحل والعثة، يتغذَّون عادةً على دموع الفقاريات، بما فيها الإنسان أحيانًا، لكن لم يَرِدْ قبل ذلك التغذِّي على دموع الزواحف.

ويعزو العلماء هذه الظاهرة إلى أن الحشرات تبحث عن العناصر الغذائية والمعادن والبروتينات. فمع أن الملح المعروف بكلوريد الصوديوم متوافر بغزارة في المحيطات؛ فإنه من الصعب العثور عليه على اليابسة، كما أن الرحيق الذي تتغذَّى عليه الفراشات لا يحتوي على الكثير من الأملاح التي تحتاج إليها الفراشات لإنتاج البيض وعملية الأيض.


ويقول العلماء: إنه عندما يتعسر على الحشرات العثور على مبتغاها على اليابسة؛ فإنها تلجأ للحصول عليه من العرق والدموع والبول، بل وحتى من الدم أحيانًا. ومن المعروف أن التماسيح تذرف دموعها لدى استمتاعها بتناول الطعام. ويؤكد هذا الاكتشاف مشاهدة سابقة لنحلة شُوهدت وهي ترتشف دموع سلحفاة. ولا يعرف العلماء ما إذا كان الأمر يعود بنفعٍ ما على التمساح أيضاً، الذي بدا مستسلماً؛ ففي حالة السلاحف، لاحظ العلماء أن السلاحف لم تَبْدُ سعيدةً بالمرة، بل كانت تنفض رأسها وتعود مرة أخرى إلى المياه.



 كما ويقول العلماء: إن الأمر لا يزال في حاجة إلى المزيد من التقصي لمعرفة مدى تأثير ذلك في التوازن البيئي في المنطقة.




0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More